روائع مختارة | روضة الدعاة | أدب وثقافة وإبداع | حب المظاهر.. وثقافة القشور

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > أدب وثقافة وإبداع > حب المظاهر.. وثقافة القشور


  حب المظاهر.. وثقافة القشور
     عدد مرات المشاهدة: 6202        عدد مرات الإرسال: 0

رجل وسيم ,يرتدى أفخم الثياب,وأحدث الموديلات,ويحمل أغلى الهواتف المحمولة, وإذا جلست معه تجد عقله فارغ وليس لديه أي ثقافة وأي فهم ولا يقرأ وليس له اهتمامات محترمة.

 امرأة (شيك) وترتدي ثيابا أنيقة , وأحدث صيحات الموضة والعبايات, وإذا خاطبتها تجدها قمة في الجهل ولا هم لها إلا الشراء والبحث عن المقتنيات الغالية.

 رجل يرتدى ملابس توحي بأنه متدين ويتكلم بكلمات دينية , ويدَّعِى التدين, وإذا حاورته وتكلمت معه وتناقشت معه في كتب الأولين والآخرين تجده يقول لك: شيخي فلان قال كذا وأنا لا أقرأ ولا أحب القراءة ونسى أن الله تعالى أول ما قاله لنا في القرآن: "اقرأ" ونسى أن القرآن يمتلئ بالآيات الدالة على التفكر والتعقل.

للأسف تتميز بلادنا العربية بظاهرة غاية في الخطورة وهى من أسباب تخلفنا, وهى حب المظاهر والحكم على الأشياء من خلال مظهرها,وهذا الحب وهذه الظاهرة امتدت لكل الطوائف وكل المجالات.

 وثقافة القشور هذه إذا أعدناها إلى أصلها وجدنا أنها من النفاق فقد قال تعالى:"وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم".

وعلى النقيض نجد من نطلق عليهم لفظ الأجانب من غير المسلمين لا يهتمون ابدأ وإطلاقا بهذه المظاهر بل بالعكس , فهم يتصرفون ببساطة وتلقائية , وتجد أحدهم يحمل تليفونا محمولا من أقدم الموديلات, وتجدهم يخرجون أحيانا يرتدون في أرجلهم (شبشب).

 وإذا تساءلنا لماذا؟ ..لماذا يتسم العرب بحب المظاهر؟

 الإجابة تكمن في ضعف الثقة بالنفس الناتج عن الخواء الداخلي وللأسف أصبحت نقطة الضعف هذه ظاهرة وانقلب الأمر إلى مجرد تقليد وتنافس على اقتناء أغلى الأشياء والتظاهر من خلال ذلك بالتميز. حتى إنه أحيانا كثيرة تمتد هذه الظاهرة إلى الفقراء , فلن أنسى أبدا الخادمة التي تصر على حمل تليفون محمول بكاميرا ولا ترضى عنه بديلا وتتحمل ثمنه بالتقسيط , كل هذا من أجل المظاهر.

وفى بعض الدول العربية يتحمل الناس الديون برغم أن دخولهم عالية جدا أيضا من أجل ارتداء أغلى الثياب وركوب أغلى السيارات حتى إن بعض دول الخليج تجد أنه من العيب عدم تغيير السيارة كل عام. وفي المقابل تجد العرب خاضعين للغرب عن طيب خاطر , ولا يحاولون تطوير أنفسهم إلا من رحم الله.

وترجع هذه الظاهرة أيضا إلى ضعف الإيمان ,وفيها نفاق كما قلنا , فإذا ذهب الإيمان من القلب حل محلة النفاق على قدر ذهاب الإيمان.

ويرجع علماء النفس هذه الظاهرة إلى عقدة نقص أو ضعف الثقة بالنفس وهذا يؤيد ما قلناه.

وامتدت هذه الظاهرة لتشمل الأطفال, فأنا أعرف العديد من الأسر التي تصر على تعليم أبنائها في إحدى المدارس الدولية والتي يئن الطلبة منها ومن إدارتها المتعسفة من الفساد الأخلاقي بها كل ذلك ليقال أبنائي في مدرسة كذا.

 وهكذا استبدل الناس المملوء بالفارغ والثمين بالغث ,فإن عود القمح المملوء تجده منحنى بينما عود القمح الفارغ تجده منتصب.

وتجد أن الإنسان المثقف والعالم مثلا من أشد الناس تواضعًا في أغلب الأحيان , وذلك لأنه واثق من نفسه لا يحتاج إلى تجميل المظهر, وأنا هنا لا أعنى إهمال المظاهر بل أرفض جنون المظاهر مع خلو الجوهر.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن امتلأت قلوبهم بالإيمان وعقولهم بالعلم.

الكاتب: د. شيرين حامد حلمي

المصدر: موقع المستشار